بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وارحمنا بهم
السلام عليكم ورحمة الله
مولاتنا فاطمة عليها السلام ومكارم الأخلاق والعصمة
فاطمة... بضعة مني...
فاطمة... بهجة قلبي...
فاطمة... نور عيني...
فاطمة...أم أبيها...
هذه كلمات نورانية ذات معان رفيعة تفوق السماء علواً وارتفاعاً قالها أعظم رجل عرفته الإنسانية بل أعظم مخلوق خلق في الكون.. ذاك هو رسول الله محمد صلى الله عليه وآله فلو تأمل المتأمل في تلك الكلمات وكان من ذوي الحظ السعيد والقلم السديد لأمكنه أن يكتب عن كل كلمة كتاباً ضخماً وربما أكثر من كتاب لأنها تختزن معاني كتاب الكون بأجمعه. وهذا ليس غريباً ولا مستغرباً عند ذوي البصائر لأنهم يعرفون أن الكون كان بفضل تلك السيدة الجليلة عليها السلام.... فلولاك لما خلقت الأفلاك ولولا علي لما خلقتك ولولا فاطمة لما خلقتكما...
1 ـ عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما خير للنساء؟
فلم ندر ما نقول، فسار علي إلى فاطمة فأخبرها بذلك،
فقالت: فهلا قلت: خير لهن أن لا يرين الرجال ولا يرونهن.
فرجع فأخبره بذلك،
فقال له: من علمك هذا؟
قال: فاطمة، قال: إنها بضعة مني .
2ـ عن جابر بن سمرة قال: جاء نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم فجلس فقال: إن فاطمة وجعة.
فقال القوم: لو عدناها، فقام فمشى حتى انتهى إلى الباب، والباب عليها مصفق،
قال: فنادى: شدي عليك ثيابك فإن القوم جاءوا يعودونك،
فقالت: يا نبي الله ما علي إلا عباءة،
قال: فأخذ رداء فرمى به إليها من وراء الباب،
فقال: شدي بهذا رأسك،
فدخل ودخل القوم، فقعد ساعة فخرجوا،
فقال القوم: تالله بنت نبينا صلى الله عليه وآله وسلم على هذه الحال؟
قال: فالتفت فقال: أما إنها سيدة النساء يوم القيامة .
3 ـ قال النبي صلى الله عليه وآله لها: أي شئ خير للمرأة؟ قالت: أن لا ترى رجلا ولا يراها رجل، فضمها إليه وقال: ذرية بعضها من بعض.
4 ـ عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام قال: قال علي عليه السلام: استأذن أعمى على فاطمة عليها السلام فحجبته، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لها: لم حجبته وهو لا يراك؟ فقلت عليها السلام: إن لم يكن يراني فإني أراه وهو يشم الريح، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أشهد أنك بضعة مني
5 ـ وبهذا الإسناد قال: سأل رسول الله صلى الله عليه وآله أصحابه عن المرأة ما هي؟ قالوا: عورة.قال: فمتى تكون أدنى من ربها فلم يدروا، فلما سمعت فاطمة عليها السلام ذلك قالت: أدنى ما تكون من ربها أن تلزم قعر بيتها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن فاطمة بضعة مني
عصمتها (عليها السلام)
هناك نصوص كثيرة على عصمتها (ع) في هذا الفصل خصوصا، نقول:
1 ـ قال الشارح المعتزلي نقلا عن علم الهدى السيد المرتضى (ره): أما الذي يدل على ما ذكرناه فهو أنها كانت معصومة من الغلط، مأمونا منها فعل القبيح، ومن هذه صفته لا يحتاج فيما يدعيه إلى شهادة وبينة. فإن قيل: دللوا على الأمرين، قلنا: بيان الأول قوله تعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) والآية تتناول جماعة منهم فاطمة عليها السلام، بما تواترت الأخبار في ذلك، والإرادة ههنا دلالة على وقوع الفعل المراد. وأيضا فيدل على ذلك قوله عليه السلام: (فاطمة بضعة مني، فمن آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله عز وجل)، وهذا يدل على عصمتها لأنها لو كانت ممن تقارف الذنوب لم يكن من يؤذيها مؤذيا له صلى الله عليه وآله وسلم على كل حال، بل كان من فعل المستحق من ذمها وإقامة الحد ـإن كان الفعل يقتضيهـ سارا له صلى الله عليه وآله وسلم
2 ـ قال العلامة الأميني (ره): لا يسعنا أن في الدفاع عن الخليفة بما قال ابن كثير في تاريخه5، صلى الله عليه وآله وسلم249 من أن فاطمة حصل لها وهي امرأة من البشر ليست بواجبة العصمة عتب وتغضب، ولم تكلم الصديق حتى ماتت.
وقال في ص289:وهي امرأة من بنات آدم، تأسف كما يأسفون، وليست بواجبة العصمة…
أنى لنا السرف والمجازفة في القول بمثل هذا تجاه آية التطهير في كتاب الله العزيز النازلة فيها وفي أبيها وبعلها وبنيها؟
أنى لنا بذلك وبين يدينا هتاف النبي الأقدس صلى الله عليه وآله وسلم: (فاطمة بضعة مني، فمن أغضبها أغضبني)؟
وفي لفظ: (فاطمة بضعة مني، يؤذيني ما آذاها، ويغضبني ما أغضبها)
أقول: ومزيد التحقيق في كتابنا هذا، فصل فضائلها المشتركة سلام الله عليها في عنوان اشتراكها في الحرب والسلم.
3 ـ قال العلامة السيد عبد الرزاق المقرم (ره) بعد نقل آية التطهير الدالة على عصمتها عليها السلام: ولو أعرضنا عن البرهنة العلمية فإنا لا ننسى مهما ننسى شيئا أنها صلوات الله عليها مشتقة من نور النبي صلى الله عليه وآله المنتجب من الشعاع الإلهي، فهي شظية من الحقيقة المحمدية، المصنوعة من عنصر القداسة… فمن المستحيل ـوالحالة هذهـ أن يتطرق الإثم إلى أفعالها، أو أن توصم بشيء من شية العار، فلا يهولنك ما يقرع سمعك من الطنين أخذا من الميول والأهواء المردية بأن العصمة الثابتة لمن شاركها في ال**اء لأجل تحملهم الحجية من رسالة أو إمامة، وقد تخلت الحوراء عنهما، فلا تجب عصمتها؛ فإنا لم نقل بتحقق العصمة فيهم عليهم السلام لأجل تبليغ الأحكام حتى يقال بعدم عصمة الصديقة لعدم توقف التبليغ عليها، وإنما تمسكنا لعصمتهم بعد نص الكتاب العزيز باقتضاء الطبيعة المتكونة من النور الإلهي المستحيل فيمن اشتق منه مقارفة إثم، أو تلوث بما لا يلائم ذلك النور الأرفع حتى في مثل ترك الأولى. وهذه القدسية كما أوجبت عدم تمثل الشيطان في المنام على ما أنبأت عنه الأخبار الصحيحة أوجبت نزاهة الزهراء عليهما السلام يعتري النساء عند العادة والولادة تفضيلا لها ولمن ارتكض في بطنها من طاهرين مطهرين. ومما يؤكد العصمة فيها المتواتر من قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (فاطمة بضعة مني، يغضبني من أغضبها، ويسرني من سرها، وإن الله يغضب لغضبها، ويرضى لرضاها)، فإن هذا كاشف عن إناطة رضاها بما فيه مرضاة الرب جل شأنه وغضبه بغضبها، حتى أنها لو غضبت أو رضيت على أمر مباح لابد من أن يكون له جهة شرعية تدخله في الراجحات، ولم تكن حالة الرضا والغضب فيها منبعثة عن جهة نفسانية؛ وهذا معنى العصمة الثابتة لها سلام الله عليها... أقول: إن آية التطهير تدل دلالة واضحة على أنها عليها السلام مطهرة طهارة حقيقة عن كل نقص وعيب ووصمة وشين، لا من جهة الذنوب والمعاصي فحسب، بل عن الخواطر النفسانية التي لا تنافي العصمة التي ثابتة في الأنبياء وهي واجبة لهم، إذ كل ما يتنفر عنه العقل والطبع فهو داخل في الرجس، وهي عليها السلام قد طهرت عنه تحقيقا لدلالة الآية الشريفة.
نقلته من عدة مصادر ورتبته على هذا الشكل